Love 2009
المدير العام
عدد المساهمات : 801 نقاط : 997 تاريخ التسجيل : 30/07/2009
| موضوع: الذنوب.. زلازل القلوب الجمعة 2 أبريل 2010 - 10:27 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الذنوب.. زلازل القلوب
بقلم: الدكتور/ يوسفالقرضاوي
كثير من الناس لا يكادون يعرفون من المعاصيوالذنوب إلا ما يدركه الحس، وما يتعلق بالجوارح الظاهرة، من معاصي الأيدي والأرجل،والأعين والآذان، والألسنة والأنوف، ونحوها مما يتصل بشهوتي البطن والفرج، والغرائزالدنيا للإنسان. ولا يكاد يخطر ببال هؤلاء: الذنوب والمعاصي الأخرى التي تتعلق بالقلوب والأفئدة،والتي لا تدخل -فيما تراه الأبصار- أو تسمعه الآذان، أو تلمسه الأيدي، أو تشمهالأنوف، أو تتذوقه الألسنة
معاصي الجوارح في القسم الأول تقع معاصي العين من النظر إلىما حرم الله من العورات، ومن النساء غير المحارم
ومعاصي الأذن من الاستماع إلى ما حرم الله من آفات اللسان؛ فالمستمع شريكالمتكلم.
ومعاصي اللسان من الكلام بما حرم الله من الآفات التي بلغ بها الإمام الغزاليعشرين آفة؛ من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية واليمين الفاجرة والوعد الكاذبوالخوض في الباطل والكلام فيما لا يعني وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وشهادةالزور والنياحة واللعن والسب... إلخ
ومعاصي اليد من البطش والضرب بغير حق، والقتل، ومصافحة أعداء الله، وكتابة ما لايجوز كتابته، مما يروج الباطل أو يشيع الفاحشة، وينشر الفساد. ومعاصي الرجل من المشي إلى معصية الله، وإلى زيارة ظالم أو فاجر، ومن السفر فيإثم وعدوان
ومعاصي الفرج من الزنى وعمل قوم لوط، وإتيان امرأته في دبرها، أو في المحيض، وهوأذى كما قال الله
ومعاصي البطن من الأكل والشرب مما حرم الله، مثل أكل الخنزير، وشرب الخمر،وتعاطي المخدرات، وتناول التبغ (التدخين) وأكل المال الحرام من الربا، أو الميسر،أو بيع المحرمات، أو الاحتكار، أو قبول الرشوة أو غيرها من وسائل أكل مال الناسبالباطل
المعاصي المهلكة وهذه الأعمال كلها محرمات ومعاص معلومة،وبعضها يعتبر من عظائم الآثام، وكبائر الذنوب، ولكنها جميعًا تدخل في المعاصيالظاهرة، أو معاصي الجوارح، أو ظاهر الإثم، والمسلم مأمور أن يجتنب ظاهر الإثموباطنه جميعًا، كما قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّالَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 120].
بل إن المعاصي الباطنة أشد خطرًا من المعاصي الظاهرة، وبعبارة أخرى: معاصيالقلوب أشد خطرًا من معاصي الجوارح، كما أن طاعات القلوب أهم وأعظم من طاعاتالجوارح؛ حتى إن أعمال الجوارح كلها لا تقبل إلا بعمل قلبي، وهو النيِّةوالإخلاص
القلوب ما كانت آلته القلب؛ مثل: الكبر، والعجب، والغرور، والرياء،والشح، وحب الدنيا، وحب المال والجاه، والحسد، والبغضاء، والغضب... ونحوها مما سماهالإمام الغزالي في [إحيائه]: المهلكات، أخذًا من الحديث الشريف: (ثلاث مهلكات: شحمطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه).
وإنما اشتد خطر هذه المعاصي والذنوب لعدة أمور: أولها:أنها تتعلق بالقلب، والقلب هو حقيقة الإنسان؛فليس الإنسان هو الغلاف الجسدي الطيني الذي يأكل ويشرب وينمو، بل هو الجوهرة التيتسكنه، والتي نسميها: القلب أو الروح أو الفؤاد، أو ما شئت من الأسماء. وفي هذا قالعليه الصلاة والسلام: (ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدتفسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب) (متفق عليه، عن النعمان بن بشير).
وقال: (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم وصوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) (رواه مسلم).
وجعل القرآن أساس النجاة في الآخرة هو سلامة القلب، كما قال تعالى على لسانإبراهيم: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلابَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 87 – 89].
وسلامة القلب تعني: سلامته من الشرك جليه وخفيه، ومن النفاق أكبره وأصغره، ومنالآفات الأخرى التي تلوثه، من الكبر والحسد والحقد، وغيرها.
وقال ابن القيم: (سلامته من خمسة أشياء؛ من الشرك الذي يناقض التوحيد، ومنالبدعة التي تناقض السنة، ومن الشهوة التي تخالف الأمر، ومن الغفلة التي تناقضالذكر، ومن الهوى الذي يناقض التجريد والإخلاص).
ثانيها:أن هذه الذنوب والآفات القلبية هي التي تدفع إلى معاصيالجوارح؛ فكل هذه المعاصي الظاهرة إنما يدفع إليها: اتباع الهوى، أو حب الدنيا، أوالحسد، أو الكبر، أو حب المال والثروة، أو حب الجاه والشهرة... أو غير ذلك.
حتى الكفر نفسه، كثيرًا ما يدفع إليه الحسد كما حدث لليهود؛ فقد قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِإِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَاتَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109].
أو يدفع إليها الكبر والعلو في الأرض، كما قال تعالى عن فرعون وملئه وموقفهم منآيات موسى عليه السلام: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًاوَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14].
أو حب الدنيا وزينتها، كما رأينا ذلك في قصة هرقل ملك الروم، وكيف تبين له صدقالرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته، وصحة نبوته، ثم لما هاج عليه القسس غلب حبملكه على اتباع الحق؛ فباء بإثمه وإثم رعيته.
وإذا نظرت إلى من يقتل نفسًا بغير حق وجدت وراءه دافعًا نفسيًا أو قلبيًا، منحقد أو غضب، أو حب الدنيا؛ حتى إن أول جريمة قتل في تاريخ البشرية كان سببها الحسد،وذلك في قصة ابني آدم {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَاوَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُاللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
إلى أن قال تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُفَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30]. وكذلك كل من ارتكب معصية ظاهرة من شهادة زور أو نميمة أو غيبة أو غيرها؛ فلا بدأن وراء تلك المعاصي شهوة نفسية، وفي هذا جاء الحديث: (إياكم والشح؛ فإنما هلك منكان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجورففجروا) (رَواهُ أبو داود وَالحَاكِمُ عن عبد الله بن عمر، كما في صحيح الجامعالصغير).
ثالثها:أن المعاصي الظاهرة التي سببها ضعف الإنسان وغفلتهسرعان ما يتوب منها،بخلاف المعاصي الباطنة التي سببها فساد القلوب، وتمكن الشرمنها؛ فقلما يتوب صاحبها منها، ويرجع عنها. وهذا هو الفارق بين معصية آدم، ومعصيةإبليس.
معصية آدم كانت معصية جارحة حين أكل من الشجرة، ومعصية إبليس كانت معصية قلب،حين أبى واستكبر، وكان من الكافرين.
معصية آدم كانت زلة عارضة نتيجة النسيان وضعف الإرادة، أما معصية إبليس فكانتغائرة متمكنة، ساكنة في أعماقه.
لهذا ما أسرع ما أدرك آدم خطأه واعترف بزلته، وقرع باب ربه نادمًا تائبًا هووزوجته: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَاوَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].
أما إبليس فاستمر في غلوائه، متمردًا على ربه، مجادلا بالباطل، حين قال له: {يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَأَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍوَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [سورة الآيات 75، 76].
ولهذا كانت عاقبة آدم: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَعَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37].
وكانت عاقبة إبليس: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّعَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [سورة الآيات 77- 78].
رابعًا:وهذه ثمرة للوجوه السابقة، وهو تشديد الشرع في الترهيبمن معاصي القلوب، وآفات النفوس لشدة خطرها، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: (لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) (رَواهُ مسلم عن ابن مسعود).
وقوله: (دب إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لاأقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين) (رَواهُ البزار عن الزبير بإسناد جيد كما قالالمنذري. انظر: المنتقى والهيثمي).
وقوله: (لا تغضب) وكررها ثلاثًا، لمن قال له: أوصني (رَواهُ البُخاريُّ عن أبيهريرة). وقوله في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك؛ فمن عمل عملا أشرك فيهغيري تركته وشركه) (رَواهُ مسلم عن أبي هُريرةَ وفي معناه عدة أحاديث ).
وقوله: (إياكم والشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم،واستحلوا محارمهم) (رَواهُ مسلم عن جابر).
_________________ اذا لم تجمعنا الايام جمعتنا الذكريات واذا العين لم تراك فالقلب لن ينساك لقد قررت ان اتخذ طريقا يبعدنى عن التعامل مع الناس وهو طريقى الى طاعه الله ولن اتعامل مع من يقيد حريتى ومن يظلم بريئا لسوء الظن فيه فانه يعتبر ظالما امام الله "ما اجمل الحياه فى طاعه الله" | |
|